المأثورة.
والذي يهون الخطب ان أمثال هذه الروايات لم تجد لها أي صدى في نفوس جميع علماء الاسلام على اختلاف طوائفهم شيعة وسنة، إلا من شذ منهم، يقول الشيخ الطوسي: (وأما الكلام في زيادته ونقصانه فمما لا يليق به أيضا، لان الزيادة مجمع على بطلانها والنقصان منه، فالظاهر أيضا من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضى وهو الظاهر في الروايات، غير أنه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصة والعامة بنقصان كثير من آي القرآن ونقل شئ منه من موضع إلى موضع طريقها الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا، والأولى الاعراض عنها وترك التشاغل بها (1)) ومثل هذا المضمون ورد في كثير من كتب الشيعة والسنة على السواء، وتواتره أوضح من أن يطال فيه الحديث، وما أجمل ما ذكره المرتضى في ذلك، حيث قال: (إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان، والحوادث الكبار، والوقائع العظام، والكتب المشهورة، وأشعار العرب المسطورة، فان العناية اشتدت، والدواعي توفرت على نقله وحراسته، وبلغت إلى حد لم يبلغه ما ذكرناه، لان القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والاحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتى عرفوا كل ما اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد (2)).
ومع هذه البديهة لا أظن أننا نحتاج بعد إلى الاستدلال على عدم التحريف بآية (انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون (3)) وآية (وانه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (4))