استظهره الصافي من روايته لاخبار التحريف في أصوله وعدم تعقيبه عليها مما يدل على إيمانه بها وبخاصة وقد صرح في مقدمة كتابه انه لا يروي إلا ما يثق به، وقد اعتبر هذا الاستظهار وثيقة من أهم وثائق التكفير، فسارع إلى تكفيره، يقول في كتابه (الامام زيد): (ومن الغريب أن الذي ادعى هذه الدعاوى الكليني وهو حجة في الرواية عندهم، وكيف تقبل رواية من يكون على هذا الضلال، بل على هذا الكفر المبين (1)). وما دام الحديث قد بلغ بنا إلى هذا الموضع فلا بد من تحقيق هذه النسبة التي وسعها بعضهم إلى جميع أصحاب الصحاح، وكتب الحديث ممن ذكروا أحاديث التحريف أخذا بوحدة الملاك في الجميع.
والذي يبدو أن الأخ أبا زهرة ممن يستسيغ التكفير بسهولة مع أنه لا يميز - فيما يبدو - بين نوعين من انكار الضروري أحدهما يوجب التكفير والآخر لا يوجبه، فالذي يوجب التكفير انكار ضروري من ضروريات الدين، أي ما ثبت أنه دين بالضرورة مما يعود انكاره إلى تكذيب النبي (صلى الله عليه وآله) وشبهه، والقول بعد التحريف لم يثبت أنه دين بالضرورة وإلا لما احتاج إلى الاستدلال عليه بآية: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. وما يحتاج إلى الاستدلال لا يكون من الضروريات، على أنهم اختلفوا في صلاحية الآية للدليلية بشبهة الدور، وما يقال عن هذه الآية يقال عن غيرها من الأدلة (2). نعم هو ضروري الثبوت لثبوت تواتره عندنا وانكار الضروريات التي لا تستند في بداهة ثبوتها إلى الدين وان استندت إليه بالنظر، لا تستوجب تكفيرا كما هو واضح لدى الفقهاء.