ومع الغض عن هذه الناحية فالتكفير لا يكون لأوهام وظنون لان مجرد رواية أحاديث النقص وعدم التعقيب عليها، لا يدل على وثوقه بصدورها، ولعل روايتها في (النوادر) من كتابه، دليل تشكيكه بصدورها ورفضه لها، وكأنه أشار بذلك لما ورد في المرفوعة من قوله (عليه السلام): (ودع الشاذ النادر)، على أنه التزم في أول كتابه الاخذ بالروايات العلاجية، وهي التي تتعرض لاحكام الخبرين المتعارضين من اعتبار ترجيح أحدهما على الآخر بعرضه على كتاب الله وسنة نبيه، فما وافق الكتاب أخذ به، يقول رحمه الله في أول كتابه: (فاعلم يا أخي أرشدك الله أنه لا يسع أحدا تمييز شئ مما اختلفت الرواية فيه عن العلماء إلا ما أطلق عليه العالم، أعرضوها على كتاب الله فما وافق كتاب الله عز وجل فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه (1)) والاخبار التي رواها متعارضة بدليل روايته لما هو صريح بعدم التحريف، وهي الرواية القائلة (وكان من نبذهم الكتاب بأنهم أقاموا حروفه وحرفوا حدوده فهم يروونه ولا يرعونه (2)) حيث صرحت بنسبة التحريف إلى الحدود مع اعترافها بإقامة حروفه ومع تحكم المعارضة بينها وبين تلك الرواية التي استظهروا منها التحريف في الحروف، فإن مقتضى منهجه الذي رسمه في بداية الكتاب عرضها على كتاب الله، ومن الواضح أن الكتاب ظاهر بآية (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وغيرها بعدم طرو التحريف عليه، ولا عبرة بمناقشات هذه الآية لكونها واردة على خلاف ظهورها، والظهور حجة وإن لم يوجب القطع بمدلوله للقطع باعتبار الحجية له، وشبهة الدور لا ترد على مذهب من يؤمن بأهل البيت لامضائهم (عليهم السلام)
(١١٠)