عندما تنسب إلى أي حكم تكون نسبته إليها نسبة العموم من وجه، خذوا على ذلك مثلا نسبتها إلى حرمة أكل لحم الميتة، فان أدلة حرمة الأكل تقول: يحرم أكل الميتة على المضطر وغيره، وأدلة نفي الاضطرار، تقول: ان الحكم المضطر إليه مرتفع كان أكل الميتة أو غيره، وموضع الالتقاء الميتة المضطر إلى أكلها وهكذا، والسر هو ما قلناه من تقديم العرف لهذا النوع من الأدلة بعد أن كان لسانه لسان بيان وشرح للمراد من الأدلة الأولية.
الورود:
أما الورود، فالمراد به الدليل النافي للموضوع وجدانا، ولكن بتوسط تعبد شرعي، ومثاله ما ورد عن الشارع من قوله رفع عن أمتي ما لا يعلمون ولسانه لسان المؤمن للعبد فيما لو ترك التكليف المشكوك ولم يأت به مع عجزه عن الوصول إليه بالأدلة الاجتهادية، المنجزة له، فلو ترك استنادا إلى هذا الحديث فإنه لا يحتمل الضرر، فالقاعدة العقلية القائلة بوجوب دفع الضرر المحتمل لا يبقى لها موضوع إذ لا احتمال للضرر مع وجود المؤمن الشرعي.
فسمة حديث الرفع إلى هذه القاعدة سمة الوارد عليها، المزيل لموضوعها وجدانا، ولكن بواسطة التعبد الشرعي.
والفارق بينه وبين التخصص: ان التخصص خروج موضوعي وجداني، ولكن لا بتوسط تعبد من الشارع، والورود: خروج موضوعي وجداني، ولكن بواسطة تعبد الشارع، فلو لم يأت حديث الرفع كان احتمال الضرر موجودا، وكان حكمه العقلي بلزوم دفعه قائما أيضا، ولكن التعبد الشرعي أزال الاحتمال وجدانا فأزيل معه حكمه تبعا لذلك، كما أن الفارق بينه