بما يقولون وإن بدت لكم مفارقات ما جاءوا به من آراء.
وما أحسن ما قاله الأستاذ المراغي، وهو ينعي على دعاة الجمود موقفهم من حرية الفكر: (ليس مما يلائم سمعة المعاهد الدينية في مصر أن يقال عنها ان ما يدرس فيها من علوم اللغة والمنطق والكلام والأصول لا يكفي لفهم خطاب العرب، ولا لمعرفة الأدلة وشروطها، وإذا صح هذا فيا لضيعة الأعمار والأموال التي تنفق في سبيلها (1))، ثم يقول:
(واني مع احترامي لرأي القائلين باستحالة الاجتهاد، أخالفهم في رأيهم، وأقول ان في علماء المعاهد الدينية في مصر من توافرت فيه شروط الاجتهاد وحرم عليه التقليد (2)).
والشئ الذي لم أملك تماما توجيهه في كلامه - بعد هذه الدعوة الهادفة - هو قوله: (والواقع أنه في أكثر المسائل التي عرضت للبحث وأفتى الفقهاء فيها، لم يبق للمجتهد، إلا اختيار رأي من آرائهم فيها، أما الحوادث التي تجد فهي التي تحتاج إلى آراء محدثة (3)).
والذي يوحي به كلامه، أنه فهم من الاجتهاد انه إحداث رأي جديد، وهو لا يكون إلا في الأمور المستحدثة لاستيعاب الفقهاء مختلف الأقوال في المسألة المبحوثة غالبا، ووظيفة المجتهد بالنسبة إليها اختيار واحد منها.
مع أن الاجتهاد، كما سبق تحديده، ملكة تحصيل الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف، سواء كانت موافقة لآراء غيره أم مخالفة.
وكونهم مستوعبين للأقوال في المسألة، لا يسقط عنه وظيفة اعمال ملكته في مقابلهم، حتى ينتهي إلى الرأي الذي يراه موافقا للحجة من بينها.