كل ما يأتون به من أحكام، وحسابهم حساب بقية أئمة المذاهب، مع أن الشيعة لا يرون في أئمتهم ذلك، وإنما يرونهم مصادر تشريع يرجع إليها لاستقاء الاحكام من منابعها الأصيلة، ولذلك اعتبروا ما يأتون به من السنة، وقد سبق أن عرضنا أدلتهم على ذلك في (مبحث السنة) فهم من هذه الناحية كالنبي (صلى الله عليه وآله)، والفارق أن النبي يتلقى الوحي من السماء، وهؤلاء يتلقون ما يوحى به إلى النبي من طريقه (صلى الله عليه وآله) وهم منفردون بمعرفة جميع الاحكام فأقوال أهل البيت إذن مصدر من مصادر التشريع لديهم، وهم مجتهدون في حجيتها كسائر المصادر والأصول.
ولا أقل من اعتبار أولئك الأئمة الأطهار، من قبيل الرواة الذين لا يتطرق إليهم الريب في الرواية، وما أكثر تصريحاتهم - أعني الأئمة (عليهم السلام) - بكون ما يأتون به من أحكام، فإنما هو من أحاديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي لا يعدونها بحال وبعضه بإملائه (صلى الله عليه وآله) وبخط علي (عليه السلام) (1)).
وعلى هذا فالأصول التي خططوها - إن صح هذا التعبير - فإنما هي من تخطيطات الاسلام نفسه، وقد وصلت إليهم من طريق النبي (صلى الله عليه وآله)، وفي بعض هذه الأصول تصريح بذلك.
أما بقية أئمة المذاهب فهم لا يعدون كونهم من المجتهدين الذين يجوز عليهم الخطأ، ولذا كان ما يأتون به من أصول قابلا للنظر فيه، فلا يكون حجة على الغير.
على أن أدلة الشيعة على الحجج - على اختلافها - لم تقتصر على أحاديث أهل البيت - وهم عدل الكتاب - بل تجاوزتها إلى الكتاب العزيز، والسنة النبوية، والسيرة القطعية، وبناء العقلاء، وحكم العقل،