الجعل الكلي فهو مثبت بالنسبة الينا، واستصحاب عدم الجعل حال الصغر يشكل جريانه للشك في تبدل الموضوع، فنحن حال الصغر غيرنا عندما نقع تحت التكاليف، وللاعلام في هذه الأنواع من الاستصحابات حديث يأتي في موضعه ولعل لنا في بعضها رأيا.
على أن استصحاب عدم الجعل هنا، لا يجري في جميع المشكوكات للعلم الاجمالي بجعل الكثير منها لبداهة أن الاسلام لم يأت بهذه المقطوعات أو الضروريات فحسب، ومع قيام العلم الاجمالي لا يمكن جريان الاستصحاب ولا البراءة الأصلية في أطرافه، إما لعدم إمكان جريانها أصلا، أو انها تجري وتتساقط للمعارضة، وسيأتي إيضاح ذلك في مبحث الاحتياط العقلي.
والأنسب ان يجاب عنه بأن هذا الدليل لو تم فهو لا يعين العمل بأخبار الآحاد إلا بضميمة مقدمات أجنبية عن حكم العقل لجواز ان تكون هناك طرق مجعولة من قبله تؤمن هذا الغرض الخاص أو الايكال إلى الاحتياط فيها مثلا.
وأجاب عن الشق الثاني بقوله: (أما الرسول صلى الله عليه وسلم، فليقتصر على من يقدر على تبليغه، فمن الناس في الجزائر من لم يبلغه الشرع فلا يكلف به، فليس تكليف الجميع واجبا (1)).
وهذا الجواب غريب في بابه أيضا لمنافاته للشمولية التي جاءت بها رسالة النبي صلى الله عليه وآله، وعمومها لجميع البشر (وما أرسلناك الا كافة للناس (2)) ولان فرض الاقتصار على البعض يوجب اختصاص الرسالة بهم وحرمان غيرهم مع فرض احتياجهم إلى مثلها، وأين قاعدة اللطف منها إذن؟