ولماذا لا يبعث لكل أمة نبيا يفي بحاجتها إذا تعذر قيام نبي واحد بهذه المهمة؟
فلا بد إذن أن يفرض - بعد ثبوت الجانب الشمولي فيها - أن طرق التبليغ المعتمدة لدى النبي صلى الله عليه وآله كافية بايصال صوته إليها بالوسائل المتعارفة، وبذلك يتم ما قال المستدل.
ثم عقب - أعني الغزالي - بعد ذلك بقوله: (نعم لو تعبد نبي بان يكلف جميع الخلق، ولا يخلي واقعة عن حكم الله تعالى، ولا شخصا عن التكليف، فربما يكون خبر الواحد ضرورة في حقه (1)).
وهذا الاستدراك عين ما أراده المستدل لتحدثه عن نبينا صلى الله عليه وآله بالخصوص ورسالته، لأنها موضع حاجتنا الفعلية.
ومن البديهي ان شريعتنا عامة لجميع البشر، وما من واقعة إلا ولها فيها حكم، إلا أن قوله: (فربما يكون الاكتفاء بخبر الواحد ضرورة) لا يتم إلا بضميمة مقدمات أخرى تحصر الطريق فيه، وهو ما لم يذكر في الدليل، كما لم يذكره في استدراكه عليه.
الصورة الثانية: ما ذكره صاحب الوافية (وحاصله إنا نعلم تفصيلا ببقاء التكليف بالصلاة والصوم ونحوهما من الضروريات، وليس لنا علم تفصيلي بأجزائها وشرائطها، فإذا تركنا العمل بمؤديات الامارات، واقتصرنا على خصوص ما علمناه من الأجزاء والشرائط، خرجت هذه الأمور عن حقائقها، لان الضرورية من الأجزاء والشرائط ليست إلا أمورا معدودة بحيث نقطع بعدم صدق العناوين المزبورة على ما هو المتفق دخله فيها. فلا مناص من الرجوع إلى الاخبار المودعة في الكتب المعتبرة (2)).