يمكن ان تكونا صحيحتين ولا حاجة إلى تكذيب إحداهما وتعيين الصادرة منهما بالرجوع إلى المرجحات.
ومع الغض عن ذلك وافتراض تمامية المعارضة، وان الصادر منه (صلى الله عليه وآله) لا يمكن أن يكون إلا واحدة منهما فتقديمه لكلمة وسنتي، لا أعرف له وجها.
لان حديث التمسك بالثقلين متواتر من جميع طبقاته، والكتب التي حفلت به أكثر من أن تحصى، وطرقه إلى الصحابة كثيرة، ورواته منهم - أي الصحابة - كثيرون جدا، وفي رواياته عدة روايات كانت في أعلى درجات الصحة، كما شهد بذلك الحاكم وغيره.
بينما نرى الحديث الآخر لا يتجاوز في اعتباره عن كونه من أحاديث الآحاد، ولقد كنت أحب للسيد أبي زهرة ان يتفضل بذكر الكتب السنية التي روت حديث وسنتي لنرى مدى ادعائه الأوثقية لها، وأي كتب أوثق من الصحاح والسنن والمسانيد ومستدركاتها التي سبق ذكرها وذكر روايتها للحديث لتقدم عند المعارضة؟!
وفي حدود تتبعي لكتب الحديث، واستعانتي ببعض الفهارس، لم أجد رواية وسنتي إلا في عدد من الكتب لا تتجاوز عدد الأصابع لليد الواحدة، وهي مشتركة في رواية الحديثين معا، اللهم إلا ما يبدو من مالك حيث اقتصر في الموطأ على ذكرها فحسب، ولم يذكر الحديث الآخر - إن صدق تتبعي لما في الكتاب - يقول راوي الموطأ:
(وحدثني عن مالك: انه بلغه ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة نبيه (1))، ويكفي في توهين الرواية أنها مرفوعة ولم يذكر الكتاب رواتها، مما يدل