النهي المزبور بتروكها، وستأتي زيادة توضيح حول اختلاف الأمر والنهي من هذه الناحية إن شاء الله تعالى (1).
رابعها: ما أفاده أيضا (قدس سره): " وهو أن مقتضى مقالة المشهور كون النهي المتعلق بالطبيعة، ذا امتثال واحد وهو ترك جميع الأفراد، وهذا أيضا مخالف لحكم العقلاء، فإن المكلف إن اقتضت شهوته في الآن الأول أن يأتي بالطبيعة المنهي عنها، ولكنه تركها في الآن الثاني لأجل نهي المولى، عد ممتثلا بالضرورة " (2).
وفيه أيضا ما عرفت: من أن هذه الشبهة مشتركة الورود على جميع المسالك في النواهي، فلو كان مفاد النهي الزجر عن الطبيعة فانزجر العبد عنها، فقد امتثل، ولا معنى للزوم الانزجار ثانيا إلا بدعوى الانحلال وحكم العقلاء، وهذا أيضا يأتي على مقالة المشهور، فلا ترجع هذه الأمور وأشباهها إلى امتناع تلك المقالة عقلا، أو عرفا وعقلائيا.
خامسها: لو كان مفاد النهي الزجر عن الطبيعة، فهو معناه الأمر بالطبيعة بإيجادها، ثم الزجر عنها، لأن الطبيعة معدومة، ولا معنى للزجر عنها، وإذا كان المراد هو الزجر عن إيجادها في الخارج وعن جعلها خارجية، فيتوجه السؤال عن الأول على الإيجاد، مع أن النهي له المادة الموضوعة لنفس الطبيعة، والهيئة الزاجرة عنها، ولا شئ وراء ذلك حتى يكون دالا عليه.
وفيه ما قد عرفت في باب الأوامر: من أن الزجر عن الطبيعة حكمه العقلائي هو المنع عن الإيجاد، ولا حاجة إلى اعتبار الإيجاد (3) حتى يقال: بأن القائل بأصالة الماهية ينكر كون الإيجاد قابلا للنهي، فما هو مورد النهي معنى يجتمع مع القول