والتحذير المتعارف بين أرباب الكلاب المعلمات.
فلا يكون من قبيل الألفاظ الموضوعة للمعاني الكلية المستعمل فيها عند الاستعمال، بل هي الآت اعتبرت قائمة مقام تلك الإشارات. ومعنى استعمالها هو إيجادها، وبالإيجاد ينتقل الناس والعالمون بالاعتبار المزبور إلى ما هو مورد الإشارة والبعث والتحريك والزجر والمنع.
فالهيئة لا تكون بمعنى الطلب، ولا بمعنى الزجر والمنع، بل هي موضوعة لاعتبار أمر عقيب أمر، كاعتبار النقل والانتقال عقيب البيع، على ما قيل في تلك المسألة. وهذا هو معنى الاستعمال الإيجادي، وإلا فلا يعقل أن يكون المستعمل فيه موجودا بالاستعمال ويصدق الاستعمال.
وإن شئت قلت: لا معنى لهذه الهيئات حسبما يكون لغيرها والمواد من المعاني، بل هي الآت وكيفيات اعتبرت موضوعا لاعتبار آخر وراءها، وإذا تحقق المعتبر الأول يتحقق مصداق من المعتبر الثاني، وقد مضى شطر من الكلام في مادة النهي، الذي قد أيدنا به أن النهي بالصيغة مصداق الزجر والمنع الذي هو مفهوم كلي، وهو معنى مادة النهي كما في اللغة (1).
ولو كان النهي معناه طلب ترك الطبيعة، فبعدما عرفت من إمكان كون الترك مورد الطلب، كما في تروك الإحرام، والصلاة والصوم، فلا بد من إنكار المحرم رأسا، ويلزم كون ترك شرب الخمر واجبا، كما أن ترك الصلاة من المحرمات زائدا على أن فعلها من الواجبات عقوبة وتعقيبا، وهذا غير موافق للتحقيق قطعا.
وكون الطبيعة محرما اعتباره، غير اعتبار كون الترك واجبا، وإذا كان الترك واجبا فلا يشمل قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) - على ما هو المشهور -: " إن الله إذا حرم شيئا حرم