زيد - بأن يكون المستعمل فيه موجودا بالاستعمال واقعا، ويكون اللفظ استعمالا فيه أيضا، لأن حقيقة الاستعمال حسبما تقرر عندنا هو الاستيفاء من علقة الوضع وتنجيزه (1) - ولكنه لا يصح بالنسبة إلى الصيغة، فإنها لا تكون سببا لوجود الإشارة في الخارج حتى يستعمل فيها، بل هي تطلق لاعتبار الإشارة حتى ينتقل ذهن المخاطب إلى ما هو مرام المتكلم.
ومما يؤيد هذه المقالة: أن قولنا: " لا تترك الصلاة " ليس مجازا، ولا فرق بين هذه الصيغة وسائر صيغ النهي، ولو كان مفادها طلب الترك للزم التكرار، وهو خلاف مرتكز العقلاء بالضرورة، وهكذا في جانب الأمر، فيعلم منه أن الأمر والنهي لا مفاد لهما إلا ما شرحناه وقررناه.
تذنيب: حول أن النهي ليس كفا قد أشرنا في ذيل الشبهة السابعة إلى أن ترك المحرمات مع القدرة عليها من غير كف وانزجار عند عدم الالتفات، ليس من امتثال النواهي الشرعية (2)، ولكنه لا يستلزم كون النهي هو الكف، بل لازمه كون الامتثال متقوما بالكف والانزجار، لا نفس النهي مادة وصيغة، حتى إذا لم يكن الترك كفا لا يكون نهيا، فإنه واضح البطلان، ضرورة أن من المكلفين من ينتهون عن النواهي الإلهية من غير تمايل وإقبال إلى المحرم، بل يصير المحرم والمبغوض الشرعي مبغوضا تكوينيا بالنسبة إليهم، لما يدركون من الله تبارك وتعالى ما لا يدركه العوام والآخرون، فما اشتهر من تحميق المتقين الذين لا يتمايلون إلى المحرمات، فهو يرجع إلى تحميق أنفسهم، فلا تخالطوا.