ولا يخرج بذلك عن كونه نهيا.
نعم، إذا كان المستفاد من النهي أن الشرع لا يرضى بإيجاد الطبيعة، فعند الترك ينتفي موضوعه قهرا، ولا يبقى محل للنهي عنه. ولا يعقل تفسير الأمر والنهي بما يرجع إلى صدق الامتثال في الصورتين المزبورتين، لتقوم الامتثال بالالتفات والانبعاث.
نعم، يصدق أنه قد أتى بالغرض. ولو كان هذا موضوعا للثواب فلا بأس بترتبه عليه، كما لا يخفى.
إن قلت: كيف لا يعقل ذلك، مع أن طلب ترك الطبيعة ليس معناه إلا أن إبقاء العدم الأزلي على حاله مطلوب المولى، وهو حاصل بالضرورة عند الترك المطلق؟!
فعلى هذا يصح أن يقال: إن جميع المكلفين قد أجابوا بما طلبه المولى ويستحقون مثلا الثواب المجعول عليه.
قلت: ليس مفاد النهي طلب الترك على سبيل الإهمال، بل هو طلب ترك الطبيعة من المكلفين، وهذا لا يتحقق إلا مع الالتفات والترك لطلبه، فتأمل.
وبالجملة: هنا سؤال، وهو أنه في ناحية الواجب يكون الأمر واضحا، ضرورة أن الثواب المجعول على الإتيان الخاص، لا يترتب على الإتيان المطلق، وأما الثواب المجعول على الإتيان المطلق، فلا بأس بترتبه عليه وإن لم يصدق الامتثال، كما مر في الأوامر (1)، وإنما البحث في ناحية النهي، وأنه هل لا بد وأن يكون الترك مستندا إلى القدرة والالتفات، فلو كان الترك لعدم الابتلاء بالطبيعة، أو لعدم الالتفات، فهل يترتب عليه جعالة الثواب، أم لا؟ وجهان.
وحيث إن مسألة الثواب والعقاب من المسائل العقلية، وقد ذكرنا المسالك