وثانيا: قد ذكروا وجوها لبيان الفرق ناظرين إلى إحداث السر العلمي وكشف النكتة العقلية:
أحدها: أن مسألتنا هذه من قبيل المسألة المعروفة في الأدب، وهي أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم (1)، بخلاف ما إذا وقعت في سياق الإثبات، فإذا قيل:
" رأيت واحدا " فلا يدل إلا على أنه رأى واحدا من الآحاد، وإذا قيل: " ما رأيت أحدا " فهو نفي العموم.
وفيما نحن فيه يكون الأمر كذلك، ضرورة أن النهي يتعلق بالطبيعة التي هي النكرة، لأن المراد من " النكرة " هو نفس الطبيعة، لا النكرة الاصطلاحية، ولذلك إذا قال: " ما رأيت الواحد " وكان " الألف واللام " للجنس يفيد العموم كما نشير إليه أيضا.
فإذا قال المولى: " لا تصلي أيام أقرائك " تكون الصلاة مورد النفي حكما، وتصير النتيجة ما هو مرتكز العقلاء من لزوم الامتثال عقيب الامتثال وعقيب العصيان.
وإن شئت قلت: إن الإطلاق في جانب الأمر إطلاق بدلي، وفي جانب النهي شمولي ينحل النهي إلى نواه كثيرة، فإذن لا بد من الامتثال عقيب الامتثال وعقيب العصيان، لتعدد النهي.
أقول: قد ذكرنا في بعض البحوث (2) أن ما اشتهر: " من أن النكرة في سياق النفي تفيد العموم " (3) غير تام وضعا، لأن عنوان " الأحد " موضوع لما يصدق على