نعم، إيجابه على الكل استغراقا مع تعدد الغرض، وسقوط التكليف بإتيان البعض تسهيلا على العباد، أوضح من سائر المحتملات التي مضت في الأمر الثاني.
وغير خفي: أن ثمرة الاختلاف في كيفية الوجوب الكفائي، تظهر في مسألة دوران الأمر بين العينية والكفائية، حسب جريان الأصول العملية. ومما ذكرناه في الواجب التخييري (1) يظهر الأمر هنا، ويأتي تفصيله في مباحث البراءة والاشتغال إن شاء الله تعالى (2).
تذنيب: في إمكان صيرورة العيني كفائيا هل يمكن أن يصير الواجب العيني كفائيا، أم لا؟ وجهان:
من أن العيني هو أن يكون المطلوب صدور الطبيعة من كل واحد، فيكون الغرض متعددا.
ومن ا مكان كون الكفائي في مرحلة الجعل، متعددا غرض المولى فيه، ولكن يكون بحيث إذا أتى به واحد ينتفي الموضوع، كما في موردين:
أحدهما: إذا وجد جماعة محدثون، ماء لا يكفي إلا لبعض منهم.
ثانيهما: إذا وجدوا وهم على تيمم، ماء لا يكفي إلا لبعض منهم.
فإنه في هاتين الصورتين، يكون التكليف على نعت العموم الاستغراقي، ولكن يسقط بفعل بعضهم، لانتفاء الموضوع خارجا، أي متعلق المتعلق، كما في الواجبات الكفائية.
وبعبارة أخرى: إن قلنا بأن لا اختلاف بينهما في مرحلة الجعل والثبوت، فلا منع من الانقلاب بحسب مقام الامتثال، للتزاحم المنتهي إلى انتفاء الموضوع.