التنبيه الثالث: حول استتباع النهي عن الجزء أو الشرط أو الوصف للفساد إذا تعلق النهي بجزء، أو شرط، أو وصف لازم، أو مفارق في العبادة، فهل هو يستتبع فساد العبادة زائدا على فساد الجزء والمتعلق، أم لا؟ وجهان، بل قولان (1).
والذي هو محط نظرنا أن هذا البحث غير صحيح، ولا يرجع إلى بحث آخر وراء البحوث التي مر تفصيلها، وذلك لأن النهي المزبور على الوجه المذكور كالنهي عن قراءة العزيمة في الصلاة، أو النهي عن الإجهار بالقراءة فيها، أو النهي عن القران فيها، وهكذا يكون على الفرض تحريميا، وعندئذ إما يكون عنوان في الصلاة ظرفا للامتثال، كالنهي عن الصلاة الرباعية في السفر، فلا يرجع حينئذ إلى الصلاة، ولا معنى لكونه مضرا بها ومفسدا لها، بل هو محرم نفسي مستقل فيها، كالنظر إلى الأجنبية إذا نهى عنه حال الصلاة.
وإما يكون القيد المذكور راجعا إلى الصلاة، أي يكون القران وقراءة العزيمة في الصلاة منهية، كالنهي عن لبس ما لا يؤكل فيها، فهو يرجع إلى النهي عن الطبيعة الخاصة، وعن حصة من الطبيعة، أي أن النهي عن الإجهار بالقراءة في الصلاة، معناه النهي عن الصلاة متجاهرا فيها بالقراءة، أو الصلاة المقرونة بالقران، أو الصلاة المشتملة على العزيمة، كالصلاة الواقعة في لباس خاص وزمان خاص، وقد فرغنا عن هذه المسألة بتفصيل (2).