وأما المثال المزبور، فلا يكون من التخيير بين الأقل والأكثر مطلقا، إلا على القول: بأن القصر والإتمام من قيود الطبيعة، وتصير الطبيعة متنوعة بهما، كما تتنوع بالظهرية والعصرية، ونتيجة ذلك كونها من العناوين القصدية (1)، إلا على ما سلكناه في محله (2)، فليتدبر جيدا.
هل يجوز التخيير الشرعي بين الأقل اللابشرط وبين الأكثر؟
وأما التخيير الشرعي بين الأقل اللا بشرط والأكثر، فالمعروف عنهم امتناعه في التدريجيات في الكم المنفصل، كالتسبيحة والتسبيحات، وظاهرهم أن الامتناع ناشئ من أن النوبة في مقام الامتثال لا تصل إلى الأكثر، لأن بوجود الأقل يحصل الامتثال دائما في المرحلة السابقة، وما كان حاله كذلك لا يعقل تصوير التخيير فيه إلا برجوعه إلى وجوب الأقل تعيينيا، وجواز الأكثر أو استحبابه.
وبعبارة أخرى: الامتثال قهري وإذا أتى بالتسبيحة فقد أتى بأحد الأطراف، فلا معنى لكون الأكثر موجبا للامتثال (3).
ولك دعوى الامتناع في مقام الجعل والتشريع بالذات، وذلك لأن إيجاب الشئ الواحد لا يعقل مرتين تأسيسا، وإذا كان الأقل واجبا، ومورد البعث التخييري على النحو المزبور في الواجب التخييري، فكيف يعقل البعث الآخر إلى الأكثر الذي فيه الأقل؟! لأن معنى كون الأقل لا بشرط، هو أن الأكثر عبارة عن ذلك الأقل مع إضافة، فيلزم تعين الأقل، ويكون مورد البعث الثاني مرتين.
وهذا محذور ناشئ من أصل الجعل، ويورث امتناع تعلق الإرادة الثانية في