في موضوعيته لحكم العقلاء بالنقل والانتقال، من غير جعل الصحة له بدون اعتبار منشئها، ومع اعتبار منشأ الصحة لا معنى لجعلها، لأنه يصير من قبيل جعل المجعول.
وهكذا إذا قلنا: " إن بيع الخمر فاسد " فإنه ليس إلا بعد لحاظ قيد في المبيع، وهو أنه يعتبر أن لا يكون المبيع خمرا، فإذا كان كذلك ف " بيع الخمر فاسد " ليس إلا إخبارا، ولا يكون إنشاء. وإذا صح قولنا: " جعلت بيع الخمر فاسدا " فهو ليس من قبيل جعل الفساد على البيع الجامع للشرائط، لأنه من اللغو، بل هو يرجع إلى إفادة اشتراط كون المبيع غير خمر.
فبالجملة: جعل البيع أو العبادة الكذائية فاسدا من المجازفة، إلا برجوعه إلى اعتبار قيد في صحة البيع، وبعد رجوعه إلى ذلك لا معنى للجعل ثانيا، لأنه يصير أيضا لغوا وجزافا.
وإن شئت قلت: كما قد تكون الجمل الخبرية في موقف الانشاء، كذلك قد تكون الجمل الإنشائية في موقف الإخبار، فإذا قيل: " جعلت صلاة الفاقد صحيحة " فهو إخبار عن أن الصلاة بالنسبة إلى الفاقد ذات تسعة أجزاء، وإذا قيل: " جعلت البيع الربوي فاسدا " فهو إخبار بأن من القيود المعتبرة في نفوذ البيع عندي كونه غير ربوي وهكذا.
فلا ينبغي الخلط بين مداليل الجمل، كما لا ينبغي الإصغاء إلى الجمل المزبورة في محيط العرف، بعد عدم مساعدة البرهان على مفاهيمها المطابقية، وقيام الدليل عقلا على امتناع سريان الجعل إلى الصحة والفساد، بسيطا كان، أو مركبا.
تذنيب: حول تحقق الفساد في الموضوعات الاعتبارية ما ذكرناه من الفساد هو الفساد المنتزع من عدم تحقق الطبيعة على حدودها وخصوصياتها المقدرة لها، مثلا إذا كانت طبيعة الصلاة متقدرة بالطهارة، فتارة: تصير الصلاة الواجدة لها خارجية، فحينئذ ينتزع الصحة، وأخرى: تصير الصلاة الفاقدة