واحد منهم، وإذا انتفى القيدان فيحصل أيضا الوجوب الكفائي.
فما يتراءى من النزاع بين الأفاضل والأعلام في معنى " الكفائي " من أن الاختلاف بينه وبين العيني، هل هو من الناحية الأولى، أو الثانية (1)؟ في غير محله، لإمكان الالتزام بكونه من الناحيتين، على تقدير صحة كل واحد منهما في حد نفسه.
إذا عرفت هذه المقدمة، فلنشر إلى بعض أمور لا بد من التوجه إليها:
الأمر الأول: في عدم تقوم الكفائي بالمبعوث إليه قد اشتهر: " أن التكليف والبعث كما يتقوم بالمبعوث والباعث، يتقوم بالمبعوث إليه، ولا يعقل البعث بدون المبعوث إليه، ففي الكفائي - كالعيني - باعث، ومبعوث، ومبعوث إليه، من غير فرق بين المسالك في حقيقة البعث " (2).
أقول: هذا ما أفاده العلامة المحشي (قدس سره) (3) وللمناقشة فيه مجال، ضرورة أن البعث بالهيئة يكون هكذا، لتقوم الخطاب بالمخاطب حتى تصورا، وأما إذا اعتبر الشرع مفهوم الوجوب لازم ماهية طبيعة، وأعلم بذلك بصورة الإخبار، فقال:
" الصلاة لازمة وواجبة " غافلا عما وراء ذلك، فهو بمكان من الإمكان.
بل ربما تقتضي حشمة المولى أن يأتي مطلوبه بصيغة المجهول، فيعلن " أن زيدا لا بد وأن يقتل " قاصدا بذلك الإعلان أن له مقاما منيعا بين الأمة، بحيث لو اطلعوا على مرامه تسابقوا إليه، حتى يقع الزحام والقتال بينهم في إيفاء مراده، ولأجل هذا لا يصح أن يدعي أحد: " أن المولى طلب مني ذلك ".