وإن كان بينهما الاختلاف في مرحلة الجعل - سواء كان في ناحية الموضوع، أو في ناحية المتعلق، أو في الناحيتين - فلا يعقل الانقلاب إلا بدليل خارجي شرعي، وهو ليس من انقلاب العيني كفائيا، بل هو كاشف عن جعل آخر كفائي في مورده، ضرورة أن المجعولات الشرعية، لا تتبدل حسب الاختلافات في مقام الامتثال، على ما تحرر وتقرر (1)، فكما أن الواجب المشروط لا يصير مطلقا إلا فيما كان الشرط واسطة في الثبوت، وكذا النفسي لا يصير غيريا، كذلك الأمر في سائر الواجبات المختلفة جعلا وإنشاء، كالتعييني، والتخييري، والمضيق والموسع.
ومن هنا يظهر: أن ما سلكه القوم هنا من ذكر بعض الفروع (2)، لا يخلو من غرابة، ضرورة أن هاهنا مقام المسائل الأصولية الكلية، دون الفروع الفقهية الجزئية، فإن لها مقاما آخر.
وغير خفي: أن القائلين بالترتب، التزموا بأن الوجوب في المتساويين المتزاحمين تخييري شرعا، وهذا غير صحيح على ما سلكناه: من كون الخطابات قانونية، فإن التخيير عقلي، والوجوب التعييني باق على حاله، وهذا في نفسه من الشواهد على كذب الترتب، كما أشرنا إليه في أوائل المسألة، فليتدبر جيدا.
وهم ودفع: حول إتيان جماعة للواجب الكفائي عرضا لو تكفل جماعة عرضا لأداء الواجب الكفائي، كالصلاة على الميت، فهل لا يسقط، أو يسقط؟
وعلى الثاني: يكون كل واحد مسقطا، أو أحدها اللا بعينه، أو أحدها المعين؟