وهنا طائفة ثالثة:
وهي النواهي التبعية على حسبما فسرناها، من أن الأصلي: ما كان في قالب لفظي ولو كان بالدلالة الالتزامية، والتبعي: ما ليس في قالب لفظي ولو كان واجبا نفسيا (1)، فإنها مندرجة في محط البحث ملاكا، لأن الجهة المبحوث عنها هنا حول استتباع النهي للحكم الوضعي، والإرادة التي لا تكون في قالب لفظي ليست مبدأ اعتبار النهي، بل الإرادة التشريعية لا تصير موجودة في أفق النفس إلا عند تعلقها بالقوالب الكتبية، أو اللفظية، أو الإشارية، وما هي في النفس هي المبادئ المنتهية إلى تلك الإرادة.
نعم، لو قلنا: بأن وجه الفساد أمر عقلي مثل كون العبادة أو المعاملة مبغوضة، يلزم الفساد في هذه الصورة أيضا، وتكون المسألة كما عرفت عقلية لا لفظية (2)، فلا تخلط.
الأمر الخامس: الأصل في النهي عن العبادة والمعاملة هو الإرشاد بعدما عرفت: أن النزاع حول استتباع النهي لحكم وضعي وعدمه، وبعدما علمت: أنه لا معنى لكون النهي الإرشادي - الذي فرض أنه إرشاد إلى جهة وضعية - مصب التشاح والنفي والإثبات (3)، يظهر لزوم البحث هنا حول أن الأصل في النواهي المتعلقة بالعبادات والمعاملات، هل هو الإرشادية، أو التحريمية؟ بعد الفراغ عن الأصل المحرر في بدو بحوث صيغة النهي، وأن الأصل هناك هو التحريم