إذا تبين ذلك، فلتكن على خبر من أمر آخر: وهو أن المقصود بالبحث ليس دلالة النهي على الفساد، أو اقتضاءه ذلك، أو استتباعه لمفهوم الفاسد، بل المقصود بالبحث هو أن النهي إذا تعلق مثلا بعنوان " المعاملة " هل يورث أن لا ينتزع من المنهي عنوان " الصحة " أم لا؟ فإن اجتمع بين النهي وانتزاع عنوان " الصحة " فيعلم أنه لا يستلزم جهة وضعية، وإلا فيعلم منه استتباعه لجهة وضعية، سواء كان تلك الجهة عنوان " الفساد " أو أمرا أسوأ حالا منه، وهو " الانتفاء والانعدام ".
فإذن يعلم إمكان اندراج المعاملات في مصب الخلاف في المقام، فإنه إذا تعلق النهي ببيع الربا إما ينتزع منه الصحة بعدما تعلق، فيكون النهي غير دال على شئ، وإما لا ينتزع منه العنوان المزبور، فيكون مستتبعا طبعا لأمر وضعي، وهو قصور المعاملة عن إمكان التسبب به، فليتأمل جيدا.
ثامنها: حول مجعولية الصحة والفساد وعدمها من البحوث المشهورة حول الصحة والفساد: أنه هل هما مجعولتان وقابلتان للجعل استقلالا وتبعا مطلقا، أم لا مطلقا (1)، أو يفصل بين الصحة العرفية والشرعية، أو بين العبادات والمعاملات، كما في " الكفاية " (2) أو بين الواقعية والظاهرية، فلا تكونان مجعولين بالنسبة إلى الأحكام الواقعية؟ وأما الأحكام الظاهرية على القول بالإجزاء فلا بد وأن تكونا فيها مجعولين (3).
وجوه، بل وأقوال.