والمقيد، فإنه إذا ورد " أكرم كل عالم " ثم ورد " لا تكرم الفساق منهم " لا يكون النهي إلا دافعا أو رافعا للوجوب أو الندب، من غير إفادة الحرمة التكليفية إلا مع قيام القرينة، وقد فرغنا عن ذلك في بحث الأوامر عند مسألة الأمر عقيب الحظر، وذكرنا هناك بحثا كليا متعلقا بجميع الهيئات المقرونة بالقرائن الموجودة والمتوهمة التي لها المنشأ العقلائي (1).
وبالجملة: استفادة الحرمة الذاتية من النواهي في هذه المواقف، غير ممكنة - حسب الأنظار العقلائية - إلا مع القرينة، فالأصل الثانوي في تلك النواهي هو الإرشادية الملازمة للحكم الوضعي، من الفساد، وعدم الاجزاء، والحرمة التشريعية، والخروج عن هذا الأصل منوط بالقرائن الموجودة أحيانا في الكتاب والسنة غير ممكن ضبطها تحت قانون كلي.
فذلكة الكلام في المقام الأول: أن النواهي المتعلقة بذوات المعاملات وأجزائها وشرائطها والنواهي المتعلقة بذوات العبادات وأجزائها وشرائطها كلها محمولة على الإرشاد.
الثاني: أن ما توهمه القوم من تعلق النهي تارة: بذات العبادة، وأخرى:
بخصوصياتها، لا يرجع إلى محصل.
الثالث: أن الأوامر مثلها في أنها إرشاد إلى الجزئية والشرطية، سواء تعلق بذوات المعاملة، أو خصوصياتها. نعم، إذا تعلق بذوات العبادات كالصلاة ونحوها يكون نفسيا مولويا غير إرشادي وأما بالنسبة إلى الخصوصيات فهي أيضا إرشادية حسب البناءات العقلائية وبناء الفقهاء قديما وحديثا.
الرابع: أن منشأ ذلك ليس احتمال الوضع الآخر لصيغة النهي تعيينا أو تعينا،