الأمر الثالث: حول اعتبار المندوحة إن في اعتبار شرطية المندوحة وعدم اعتبارها، أو إضرارها بالنزاع، أو التفصيل في المسألة، وجوها وأقوالا لا بأس بالإشارة إليها إجمالا، حتى يتبين الحق ويستبان حدوده:
الوجه الأول:
ما هو صريح " الدرر " (1) وبعض آخر (2) " من أن النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي، بعد الفراغ من صدور الأمر والنهي عن جد، وهو لا يعقل إلا فيما إذا كان العبد متمكنا من امتثال كل واحد منهما، ولو لم يكن يتمكن من الامتثال - بأن لا يجد أرضا مباحة يقيم فيها الصلاة - فلا يكون أمر في البين حتى يتنازع في اجتماعه مع النهي، لأن الصلاة في المغصوب ليست مورد الأمر، والصلاة المطلقة غير مقدورة.
وبعبارة أخرى: الممتنع الشرعي كالممتنع العقلي، فلا بد من وجود المندوحة حتى لا يلزم التكليف بالمحال المستتبع للتكليف المحال مع الالتفات والتوجه، كما هو الظاهر ".
ويظهر منه (قدس سره) أن المسلم عند الكل عدم الجواز والامتناع، لقبح التكليف بما لا يطاق في صورة عدم المندوحة (3).