أقول: يمكن دعوى أن مرجوحية المعاملة ومبغوضيتها ولو بالرتبة الدانية، لا تجتمع مع الرضا المعتبر في صحة المعاملات، ضرورة اعتبار رضا الشرع بذلك وأمره وعدم ردعه الكاشف عن إمضائه الملازم للرضا، فالمعاملات المكروهة في الشريعة - لأجل رجوع كراهتها إلى خلوها عن شرط نفوذها - باطلة.
وفيه: أن الجمع بين الرضا القلبي والكراهة القلبية غير ممكن في محل الكلام، ولكن يكفي لصحة المعاملات ونفوذها ترخيص الشرع وإجازته بها، ولا شبهة في أنه يجيز في موارد الكراهة.
البحث الثاني: في النهي الغيري وهذا أيضا عندهم لا يدل على شئ، ولا يستتبع الحكم الوضعي بالمرة، سواء كان من النهي الغيري الإلزامي، أو غير الإلزامي، معللا تارة: بأنه لا يكشف عن مفسدة في متعلقه حتى يورث شيئا، وأخرى: بأنه لا زاجرية له (1).
وقد مر ما فيهما في محلهما بما لا مزيد عليه (2)، وقد تبين عندنا أن النهي الغيري كاشف عن اهتمام الشرع بمورد الأمر، ويكفي لترشح النهي الرئيسي المولوي ذلك (3)، وهو يورث انكشاف نحو من المبغوضية العرضية الطارئة التي لا تنافي المحبوبية الذاتية بالضرورة.
أقول: إنما الشأن في أن النهي الغيري لا يتعلق بعنوان المعاملة، مع أنه لا أصل له رأسا. نعم بناء على القول به، وبناء على تعلقه بذات المعاملة، فهو والنهي