البحث الثالث: في شبهات المسألة الشبهة الأولى:
ما أفاده " الكفاية " بتوضيح منا: وهو أن غرض المولى من الإيجاب التخييري، إما يكون واحدا بالذات والحقيقة، فعليه يستكشف وجود جامع بين الفعلين أو الأفعال، لأجل أن الأمور المختلفة المتباينة، لا يمكن أن يصدر منها الواحد، ولأجل اعتبار نحو من السنخية بين المعلول وعلته، فلا بد من كون ذلك الجامع هو الواجب الشرعي وإن كان مقتضى ظاهر الأدلة خلافه، فلا معنى للوجوب التخييري رأسا.
أو يكون غرض المولى متعددا، ويكون كل واحد منها قائما بفعل من تلك الأفعال الثلاثة، ولكنه لا يمكن تحصيلها معا، للمضادة بينها، وعندئذ لا بد من الالتزام بوجوب كل واحد منها، بنحو يجوز تركه إلى بدل، لا مطلقا، وعلى هذا يكون التخيير شرعيا، إذ لا نعني من " التخيير الشرعي " إلا ذلك (1)، انتهى.
ثم أردف كلامه بما لا يرجع إلى محصل، بل يناقض مسلكه.
ولنا تتميم هذه الشبهة بأن نقول: وإذا كان في الشرع الجمع بين الأطراف جائزا، بل راجحا، فيعلم منه أن لا مضادة بينهما، ويستكشف بذلك أن ما هو الواجب حقيقة هو الجامع، فلا تخيير شرعي مطلقا، فافهم واغتنم.
أقول أولا: لا داعي إلى إرجاع الأدلة إلى أن الواجب حقيقة هو الجامع، لأن من المحتمل كون المولى ذا غرض متعدد، لعين الأغراض المتعددة في الواجبات