إن قلت: لا سبيل إلى الاستدلال المزبور بعد اشتهار أن المراد من العبادات المكروهة هي الأقل ثوابا (1)، فعليه لا يلزم الجمع بين الأحكام المتضادة في المجمع، بل النواهي إرشاد إلى وجود المنقصة في الفرد المأتي به، برجوع المنقصة إلى نقصان المصلحة، من دون أن يكون للفاعل نقصان.
وبعبارة أخرى: اشتمال الطبيعة على خصوصية المكان الكذائي والزمان، تكون كفقدان الطبيعة للكمال الأعلى والمحاسن الزائدة، فلا يتم الاستدلال جدا.
قلت: نعم، الاستدلال يتوقف على أن يكون المراد من " الكراهة " هي الكراهة الاصطلاحية، إلا أن الالتزام بتلك الكراهة محل المناقشة ثبوتا وإثباتا، ولأجل انجرار البحث إلى ذلك، فلا بد من النظر في الاستدلال المزبور على الوجه الذي هو الحقيق وهو حقه:
فنقول: إن البحث يقع في جهات:
الجهة الأولى: في القسم الثالث من العبادات المكروهة فإن العنوان المنطبق عليها إذا كان مورد النهي التنزيهي، فهو لا يكون من أقسام العبادة المكروهة، بل يكون المجمع - بما أنه عبادة - مستحبا، وبما أنه ينطبق عليه العنوان المزبور - وهو الكون في موضع التهمة - مكروها، فلا يكون من العبادات المكروهة إلا على القول بالامتناع وإسراء النهي إلى متعلق الأمر.
ولو كان مجرد الاجتماع مورثا لكون العبادة مكروهة، فيلزم من الاجتماع عدم الاجتماع، ويلزم كون الصلاة في المغصوب عبادة محرمة.
فعد هذا القسم من أقسام العبادات المكروهة غلط (2)، والاستدلال به لإثبات