إيقاظ وإفادة: حول أن مفاد الصيغة هل هي الحرمة أم لا؟
لا شبهة في أنه في مورد التحريم بمادة الحرمة كقوله تعالى: * (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير) * (1) يعتبر الحرمة الشرعية، وتتحقق الصغرى بقاعدة " إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه " (2).
إنما الكلام في تحققها بمادة النهي وهيئته، فربما يمكن أن يقال: إن التحريم لا يمكن استفادته منهما إلا بالإطلاق (3)، ومعنى إطلاقهما أن الحجة من قبل المولى تامة على التحريم، ولا يعد الاعتذار عند التخلف من العذر العقلائي، فلو كان مفاد الصيغة أو المادة هي الحرمة كان لذلك وجه، وإلا فلا، وقد مر في باب النواهي: أن الأمر حجة على العبد، كحجية العلم الاجمالي والاحتمال في الشبهات المهتم بها، ولا كاشفية لها عن الواقع.
وبالجملة: بعد صحة استعمال مادة النهي في موارد التنزيه وهكذا صيغته، لا يستفاد منهما التحريم.
أقول أولا: لو كان ما أفيد حقا للزم عدم جواز الإفتاء على طبق الأمر والنهي، ولا يجوز أن يفتي الفقيه بوجوب شئ وحرمته، لأجل الأمر والنهي، وهذا خلاف الضرورة عند العرف والعقلاء.
وثانيا: قد تقرر منا أن حكم العقلاء عند الإطلاق، هو الاستكشاف والاطلاع على حدود إرادة المولى، وأنها إرادة إلزامية من غير فرق بين الأمر والنهي، كما