أقول: قد عرفت منا مرارا عدم جواز الخلط بين الأحكام الداخلة في محيط الوجود والحاكية عن الأعيان الخارجية وخصوصياتها، وبين المسائل الذهنية والإرادة المتعلقة بالعناوين (1).
وبالجملة: العدم وترك شرب الخمر لا واقعية له، ولا أثر له، ولا حظ له من الوجود، وأما تعلق الإرادة والبعث بعنوان " الترك " الذي هو وجود ذهني لا واقعية له، فلكون المقصود من تعليق الإرادة به وجعله مورد البعث والتحريك، توجيه المكلفين إلى ما هو المقصود الأقصى، وما هو مورد المصلحة والمفسدة، وقد مر إمكان كون ترك الصلاة محرما (2).
وهكذا فيما نحن فيه، يمكن كون ترك القمار واجبا ومطلوبا، ويكفي لوجوب الشئ في الاعتبار ولحرمته وتعلق البعث والإرادة في عالم الذهن بهذه الأمور، هذا النحو من الموجودية، وهذا المقدار من الفائدة، فلو قام المولى، وأوجب ترك القمار، أو حرم ترك الصلاة، فلا يصح العدول عما أفاده في ظاهر مرامه إلى ما تقتضيه هذه المقالة.
والعجب أنه - مد ظله - مع توغله في هذه المسائل، وقع في مثل هذا الاشتباه الواضح في كثير من المقامات، اغترارا بما في الصحف العقلية!! والله الهادي إلى الصواب.
فبالجملة: كما إذا أمر المولى بضرب زيد، يكون الأمر متعلقا بالطبيعة، وينتقل العقل منه إلى إيجادها خارجا، لما لا ثمرة في نفس الطبيعة، كذلك ينتقل من قول المولى: " أطلب منك ترك القمار " إلى أن القمار ممنوع، ولكن لا بمعنى رجوع هذه الجملة إلى جملة أخرى، بل هي جملة واقعية، وما هو مورد الإرادة واقعا ومورد