الفرار منه، إلا أن اللازم قطع النظر عنه، وعند ذلك يتم الاستدلال، لأن المجوز القائل بالاندراج أو الشاك في دخوله في محل البحث، يستكشف من العبادة المكروهة صحة الاجتماع في هذه الصورة، ومن ذلك يعلم صحتها في الصورة الأخرى: وهي ما إذا كانت النسبة بين المأمور به والمنهي عنه، عموما من وجه.
فعلى هذا، الصلاة في الحمام بناء على الاجتماع مكروهة وواجبة، لأنها مثل الصلاة في المغصوب، إلا أن فيما نحن فيه تكون الصلاة بما أنها في الحمام مورد النهي، وبما هي هي مورد الأمر، فليتدبر.
المقام الثاني: حول عدم مساعدة العرف على كراهة العبادة إثباتا بعدما عرفت تمامية الاستدلال على مسلك المستدل، تقع المناقشة في أن العرف لا يساعد عليه في مرحلة الإثبات، فإن قوله (عليه السلام) مثلا: " لا تصل في الحمام " (1) - بعد معلومية كونه من النهي التنزيهي - لا يزيد على قوله (عليه السلام): " لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه " (2) فكما أن الثاني يورث المانعية أو الشرطية الملازمة لاستكشاف النقصان في مورد النهي، بحيث لا تصير الطبيعة الواجدة له قابلة للتقرب بها، كذلك النهي فيما نحن فيه يكون من الإرشاد إلى النقيصة، وإلى حسن فقدان الطبيعة للكون المزبور، من غير كونه نهيا نفسيا، بل يعد من النواهي الإرشادية إلى اشتمال هذه الحصة من الطبيعة على المنقصة، فلا يتم الاستدلال بحسب المقام الثاني، كما هو الظاهر.