البعث والتحريك في عالم الذهن والعنوان، هو الترك، إلا أنه من ذلك يتوجه اللبيب إلى لزوم الانزجار عن القمار، فيصل المولى إلى مرامه بذلك، وهذا كاف في إمكان توجيه الإرادة والبعث نحوه، وإن كان الفعل مورد البغض والمفسدة، فتدبر واغتنم.
ثانيها: أنه في النواهي ليس إلا مادة ذهنية، والمادة لنفس الطبيعة، والهيئة للزجر عنها، فما هو الدال على العدم والترك؟!
وفيه: أن القائل بمقالة المشهور يدعي: أنها موضوعة في جانب الأمر لطلب الوجود، وفي جانب النهي لطلب العدم، فما قيل مصادرة، ولا يصدقها الخصم.
قال في " الكفاية ": " الظاهر أن النهي بمادته وهيئته في الدلالة على الطلب مثل الأمر، غير أن متعلق الطلب في أحدهما الوجود، والآخر العدم " (1) انتهى.
ثالثها: " لو كان مفاد النهي طلب ترك الطبيعة، كان متعلقه - وهو عنوان ترك الطبيعة - أمرا وحدانيا، إذ العدم غير قابل للتكثر، فإذا عصى العبد - بإيجاد الطبيعة - نهي المولى، فلا يبقى للنهي أثر بالنسبة إلى ترك الطبيعة، ولا يعقل العصيان الثاني والثالث، وهذا خلاف ضرورة كافة العقول في باب النواهي، فإنها قائمة على أن الفرد الثاني والثالث أيضا عصيان ".
أقول: هذا ما أورده الأستاذ البروجردي (قدس سره) (2).
وفيه: أن هذه الشبهة تتوجه إلى القول: بأن مفاد النهي هو الزجر والمنع الخارجي اعتبارا أيضا، لأنه إذا زجر المولى عن القمار، وارتكبه العبد العاصي، فإنه لا معنى لبقاء النهي بعد العصيان إلا بعد دعوى تعدد المطلوب والانحلال، ولو صحت هذه الدعوى على هذا المبنى، تصح على القول: بأن مفاد النهي هو طلب ترك الطبيعة على وجه الانحلال، فتكون الطبيعة منحلة حسب الأفراد عرفا، ويتعلق