أولها: في مفهومهما اللغوي فقد نسب إلى الشهرة (1) أن " الصحة " هي التمامية، و " الفساد " هو النقصان.
وأورد عليه: بأن المتفاهم العرفي من الإطلاقات خلافه، لصحة أن يقال: " يد ناقصة، وبيت ناقص " وعدم صحة توصيفهما بالفساد.
فالأولى أن يقال: إن التمامية تستعمل بالنسبة إلى الاختلال في الشئ من ناحية كميته والمقدار، و " الفساد " يطلق عليه عند الاختلال في الكيفية والمزاج، فيقال: " البطيخ فاسد "، ولا يقال: " ناقص ".
وبعدما ابتلي بالمخترعات الشرعية، وأن الصلاة الناقصة بركعة توصف ب " الفساد " مع أنه من الاختلال بحسب الكمية، احتمل الوضع الآخر. وبعدما رأى أن الاحتمال المزبور بعيد غايته التزم بالمجازية، وأن من كثرة الاستعمال بلغ إلى حد الحقيقة مثلا في الاستعمالات الشرعية (2).
أقول: وفيه ما لا يخفى، أولا: أن البيت إذا كان مختلفا من ناحية العوارض يقال: " هو ناقص " كما أن اليد إذا كانت عوجاء توصف بالنقصان.
وثانيا: أن الالتزام بالمجازية يورث الخروج عن محط النزاع حسبما تصوروه في ميزان الاندراج في محط البحث.
والذي هو الأقرب: أن مفهوم الصحة في جميع الموارد واحد، سواء كان مقابلها مفهوم المعيب، أو كان مقابلها مفهوم البطلان، أو الفساد، وهكذا مفهوم الفاسد واحد، سواء كان مقابله السالم، أو كان مقابله الصحيح، وإنما الاختلاف في المصاديق، وأنها ذات عرض عريض.