أن يكون الشئ واجبا على الكل، وساقطا عنهم بأحد من المصاديق من غير اصطحابه بغيره عرضا، مقابل الطبيعي، فليتأمل جيدا.
إن قلت: جميع العمومات الواردة تكون متعلقة بالطبائع، من غير دال فيها على تكثير الطبيعة بحسب صدورها من كل واحد، فيلزم كون الأصل عند الإطلاق كفائيا (1)، مع أن المعروف عنهم أن الأصل عند الإطلاق هو العيني (2).
قلت: إن الأمر كذلك، إلا أن توجيه الخطاب إلى المكلف يقتضي صدوره منه.
وبعبارة أخرى: الفرق بين العيني والكفائي - بحسب الثبوت - في كيفية لحاظ المتعلق، وبحسب الإثبات عند الإطلاق ا حدى الكيفيتين، وهو العيني، لا الكفائي.
فذلكة الكلام إن ما تعارف بين المتأخرين من الخلاف في موضوع الوجوب الكفائي (3)، غير موافق للتحصيل، لأن كثيرا من المتصورات يمكن كونها موضوعا له. كما قد مضى إمكان إنكار الموضوع للكفائي (4).
ولكن لا بد من مراجعة الأدلة، وما يساعده ظواهرها، ولعل ما نسب إلى المشهور: من إيجابه على الكل استغراقا (5)، أقرب إلى الظواهر، لأن بناء الشهرة على الأخذ بظواهر الأدلة، من غير الغور والإمعان في هذه الدقائق الرائجة بين المتأخرين، والله ولي الحمد والتوفيق.