أحد منهم شيئا إذا كان الثواب مجعولا لمن تكفل الدفن مثلا، فإنه لا يصدق إلا على المجموع، ولا يستند الفعل إلى واحد، والمجموع القائم به ليس مورد الأمر اعتبارا، حتى يستحق ذلك الواحد الاعتباري شيئا، بل ولا يعقل الأمر بالنسبة إلى تلك الوحدة وإن كان فعلهم وافيا بالغرض، ومسقطا للأمر، ولكنه لا يستلزم الاستحقاق عقلا لو كان يستحق أحد على مولاه شيئا، فهنا لا استحقاق رأسا، والالتزام بذلك مشكل جدا.
والجواب: أن مقتضى ما تحرر في كيفية اعتبار الطبيعة والأجزاء، هو أن الأجزاء فانية فيها، ولا تلاحظ بحيالها، وإذا لوحظ كل جزء بحيال الكل، فيصح نفي الكل واسم الطبيعة عنه، وإذا لوحظت الطبيعة بمجموع الأجزاء، تصدق الطبيعة على كل مرتبة وجزء حال الفناء فيها (1).
مثلا: يصح سلب الصلاة عن الركوع، فيقال: " الركوع ليس صلاة " ويصح حمل الصلاة على الركوع الفاني في الطبيعة، فإن المصلي في جميع الحالات مشغول بالصلاة، مع أنه لا يكون مشغولا إلا ببعض الأجزاء المندرجة.
إذا تبين لك هذه الحقيقة الراقية إجمالا، يتبين ويتضح لك هنا: أن المعلول مع وحدته يستند إلى المجموع، وفي هذا الاستناد يكون مستندا إلى الكل والأجزاء، فالدفن مستند إلى الجزء الفاني في الكل، دون الجزء بحيال الكل، وهذا المقدار من الاستناد يصحح الاستحقاق، فليتأمل.
ومن الممكن أن يكون الثواب الواحد جعالة على دفن الميت، لا على من يدفنه، فإذا دفن الميت فلا بد عقلا من إعطاء الأجرة على الدفن بالضرورة، فلا يعتبر الموضوع، كما مر في اعتبار الثواب، فليتدبر جيدا.