يجوز أو يجب واحد منهما، ويحرم واحد منهما، وهذا هو التخيير الشرعي.
وبعبارة أخرى: مقتضى دليل كل طرف حرمته الذاتية، وإذا قيس ا لي دليلهما دليل رفع الاضطرار (1)، وإباحة ما اضطروا إليه (2)، تصير النتيجة الحرام التخييري، وهو حرمة هذا، أو ذاك.
وغير خفي: أن المحرم التخييري يتصور على نحوين:
أحدهما: كون المصداق الأول حراما، والمصداق والطرف الآخر بعد ارتكاب الطرف الأول حلالا، كما في المثال الأول.
ثانيهما: كون المصداق الثاني محرما. وهذا الأخير أولى بكونه مثالا من هذه الجهة، فيكون ارتكاب المجموع محرما أيضا، فتدبر.
أقول: جريان حديث الرفع وأدلة إباحة ما اضطر إليه ابن آدم في هذه الصورة، محل الإشكال، ضرورة أن ما اضطر إليه هو الواحد منهما، وهو ليس موضوعا لحكم قابل للرفع، وما هو موضوع الحكم الشرعي ليس مورد الاضطرار، وهو الواحد بعينه، فلا يمكن استفادة التخيير من الشرع، وإن كان هو بالخيار عند الاضطرار العقلي، ويكون الاضطرار عذرا فيما ارتكبه من الحرام الفعلي، حسب ما تقرر في محله (3).
نعم، ربما يمكن توهم جريان الأدلة الشرعية بالنسبة إلى ما يختاره لرفع اضطراره في علم الله وهذا - على تقدير صحته - يستلزم كون المباح أيضا والمحرم أيضا معينا فلا يلزم التخيير. والأمر بعد ذلك كله سهل.