فذلكة الكلام إن من تدبر فيما أسلفناه يظهر له: أن المقدمات التي اخذ في ترتيبها القائل بالاجتماع، كلها غير نافعة في حل المعضلة في هذه المسألة وهذا النزاع.
مثلا: إن القول بتعلق الأوامر والنواهي بالطبائع، لا ينفع إلا بعد الدقة في ماهية المسألة، وكيفية وجود الطبائع، وكيفية اعتبارها وانتزاعها، وعدم إمكان تداخل مناشئها، وأن الأحكام - سواء كانت متضادة بالأصالة والحقيقة، أو بالعرض والمجاز - لا تفيد شيئا، لأن مع تضادها واختلاف موضوعها لا يتضرر منه الاجتماعي.
ومن تأمل فيما بيناه يظهر له: أن القول بالامتناع غير ممكن في هذا النزاع، وأن حديث السراية والتركيب الاتحادي ينافي تعدد العنوان وتعدد المفاهيم المفروض عند كل من الاجتماعي والامتناعي.
ومن نظر فيما أسمعناكم يظهر له: أن القول بالاجتماع يصح حتى إذا قلنا بتعلقهما بالأفراد، لأن المراد من الأفراد ليس إلا الفرد الذاتي، فإن الجسم بما أنه أبيض فرد البياض، لا بما أنه متكمم، فتلك الحركة لأجل حيثية الصلاة فرد الصلاة، ولأجل حيثية الغصب فرد الغصب.
نعم، إذا أريد من فرد الغصب المصداق بجميع حيثياته فلا يعقل، ولكنه باطل عاطل عند ذي مسكة، فليتدبر جيدا.
ومن تفكر في الأمور المشار إليها، يتوجه إلى أن القائل بالسراية، لا يمكن أن يريد سراية الحيثية الصلاتية إلى الغصبية وبالعكس، أو تركب الحيثيتين وحدوث الحيثية الثالثة.
نعم، له أن يريد سراية الأمر إلى متعلق النهي وبالعكس، ولكنه من الواضح