سلف حكم المسألة من هذه الجهة.
وغير خفي: أن القول بالتزاحم واختيار الامتناع ممكن، كما هو مسلك " الكفاية " لأنه كان يعتبر من شرائط النزاع، إحراز الملاكين والمناطين والمصلحة والمفسدة (1)، فلا تخلط.
وأيضا غير خفي: أن التعارض في المجمع، كما يمكن أن يكون لأجل العلم بكذب أحد الدليلين، وتصير النتيجة هي التخيير، كذلك يمكن لأجل حدوث الحكم التخييري الابتدائي، وذلك لأن المولى الملتفت إلى المصالح والمفاسد الموجودة في المجمع، يلاحظ الملاكات والمناطات، فإن كانت إحداهما غالبة يجعل على طبقها الحكم، وإلا فيحكم بالتخيير، ففرق بين التعارض في الخبرين المتعارضين، وبين التعارض في المقام، فإن هناك يكون أحد الخبرين واجب الأخذ وجوبا طريقيا، وأما هنا فيكون قد أوجب واجبا تخييرا بين الفعل والترك.
ومن هنا ينقدح إمكان جعل التخيير الشرعي بين المحذورين، وهما الفعل والترك، فليتأمل جيدا.
إذا علمت ذلك فاعلم: أن قضية التعارض هو التقييد بإتيان الصلاة في الأرض المباحة إذا كان المكلف في مندوحة، وإلا فهو التخيير، وقضية التزاحم هو الأخذ بالأهم، وإلا فهو مخير بين الفعل وتركه.
وتوهم امتناع التخيير بين ذي المصلحة وذي المفسدة، في غير محله، كما هو الواضح، ولا حاجة إلى الإطالة.
وإذا شك في المسألة، وعلمنا بأن المجمع إما مندرج في كبرى باب التعارض أو التزاحم، فإن لم يكن في البين أهم فهو بالخيار، لأنه الحكم المشترك بين البابين.