الصلاة في الأرض المباحة، فالأمر بالصلاة باعث نحوها، والنهي عن التصرف في مال الغير زاجر عنها، وهو لا يتمكن عقلا من امتثال التكليفين، فلا بد من اختيار سقوطهما، أو سقوط أحدهما المعين أو اللامعين إن أمكن، فإنه بذلك ترتفع الغائلة.
وهذا من غير فرق بين كون ذلك بسوء اختياره، أو لا بسوء اختياره، لأن سوء الاختيار لا يصحح ترشح الإرادتين في المجمع، وبقاء الإطلاقين بالنسبة إليه.
نعم، نتيجة سوء الاختيار صحة عقوبة المكلف على ترك الصلاة والتصرف في مال الغير، وسيأتي تفصيله في بعض البحوث الآتية إن شاء الله تعالى (1) فما نسب إلى العلامة القمي مؤلف " القوانين " (2) غير تام كما مر (3). هذا كله على المبنى المشهور بينهم.
وأما إن قلنا بعدم انحلال الخطابات القانونية الكلية إلى الخطابات الكثيرة الجزئية (4)، فلا مانع من المحافظة على الإطلاقين، لما تقرر منا في مباحث الضد (5):
أن من ثمرات الخطاب القانوني، جواز تصوير التكليف الفعلي بالنسبة إلى العاجز، والجاهل، والغافل، والنائم، فالواقع في الغائلة المزبورة مكلف فعلا بالصلاة، ومكلف بترك التصرف تكليفين عرضيين فعليين، وينظر بعد ذلك إلى ما هو الأهم، ويأتي به، ويكون بالنسبة إلى ترك المهم معذورا. إلا إذا أوقع نفسه بسوء الاختيار في المغصوب من الدار، أو في التوضؤ بماء الغير، فإنه عندئذ لا بد عقلا من أن يتوضأ، ويعاقب على تصرفه في ملك الغير، ومع ذلك تصح صلاته ووضوؤه وغسله وتيممه، وغير ذلك مما يصدر منه معنونا بالعنوانين، فلا تكن من الخالطين.