فعل المكلف، وهو واحد، وإذا كان واحدا فلا يتعدد الأمر والنهي واقعا، للزوم الجمع بين المتخالفات والمتضادات بالذات، أو بالغير وبالعرض.
قلت: هذا أيضا من المسائل غير التامة، لا لأجل أن " الكفاية " اعتقد أن الفعل الخارجي مورد الأمر أو النهي (1)، حتى يقال: بأنه من تحصيل الحاصل (2)، فإنه (قدس سره) أعظم شأنا من ذلك.
بل لأجل أن الحركة التي تصدر من المكلف ذات حيثيتين: اختراعية وهي الصلاة، واعتبارية وهو التصرف في مال الغير، بشهادة صدقهما عليها، وحيث يكون العنوان الأول - لأجل صدقه - كاشفا عن حيثية حسن فيها، والعنوان الثاني كاشفا عن حيثية سوء فيها، فهي تكون قابلة لأن تلاحظ عند اللاحظ على الوجهتين، وهما واقعيتان اعتباريتان، مختلفتان في الحيثية، ومتحدتان في الوجود، ولأجل ذلك الاختلاف يمكن كون إحداهما مورد الأمر، والأخرى مورد النهي من غير أن يتجاوز إحداهما إلى الأخرى، أو تسري إحدى الحيثيتين إلى الأخرى.
وإن شئت قلت: إن " الكفاية " لا يريد من وحدة العنوان المعنون الخارجي، حتى يتوجه إليه إشكال تحصيل الحاصل، بل هو يريد المعنون العنواني، وهو عنوان فعل المكلف، فإنه يصدق عليه عنوان " الصلاة " و " الغصب " مع أنه لم يصدر من المكلف إلا فعل واحد، والفعل الواحد موضوع لحكم واحد.
أقول: الأمر كذلك، ولكن لا وجه لصرف الأمر بالصلاة إلى الأمر بعنوان الفعل، ولا صرف النهي عن الغصب إلى ذلك العنوان، بعد كونهما مستقلين كما عرفت.