إن قلت: الأمر كما تحرر وتقرر، لكن الكلام في أن أمر المولى في المجمع يدعو إلى الغصب، ونهي المولى في المجمع يزجر عن الصلاة (1).
قلت: لا معنى لذلك بعد ما عرفت، لأن عنوان " الصلاة " لا يعقل أن يحكي إلا عن حيثية مخصوصة بها، وعنوان " الغصب " هكذا، وأمر المولى وإن كان له الإطلاق، ولكن لا معنى لإطلاقه بالنسبة إلى ما هو الخارج عن مصبه، فلا يدعو الأمر إلا إلى حيثية الصلاة التي هي من الوجوه الحسنة المنطبقة على الخارج، والنهي لا يدعو إلا إلى الزجر عن حيثية الغصب، وهما حيثيتان مختلفتان بالضرورة، ولا معنى معقول لحكاية عنوان عن غير الحيثية المتعلقة به، كما لا يحكي الجوهر عن العرض، ولا القيام عن القعود، ولا البياض عن الحلو وهكذا.
وتوهم: أن الصلاة من الماهيات الأصيلة، والغصب من المقولات العرضية، ناشئ من عدم الاطلاع على حدود الحقائق العينية، وقد مر بعض الكلام في اختراعية الصلاة واعتبارية الغصب فيما سلف (2).
فعلى ما تحرر وتقرر، هل يعقل توهم الاجتماع بين المتعلقين بعد كونهما مختلفين دائما، وإن كانا متحدين بحسب الإيجاد والوجود؟!
ودعوى: أن الاجماع قائم على أن كل فعل من أفعال المكلف، لا بد وأن يكون مختصا بالإيجاد الواحد والموجود الفارد، فلا بد وأن يكون الغصب مختصا بالإيجاد الواحد والوجود الفارد، والصلاة هكذا، غير مسموعة، لعدم أثر منه في الكتب الإسلامية، ولا المتون الفقهية.
إن قلت: العناوين ليست متعلق الأمر والنهي، بل متعلق الأمر والنهي هو واقع