ذلك، ويقول بجواز ترشح الإرادة الباعثة والزاجرة من المكلف الواحد بالنسبة إلى المكلف الواحد في الزمان الواحد، مع التلازم الطبيعي بين المأمور والمنهي عنه خارجا؟!
أقول: قد أشرنا فيما سبق إلى أن النزاع الأول نزاع صغروي (1)، وهو يكون حول لزوم اجتماع الأمر والنهي أم لا، والقائل بالاجتماع يريد نفي لزوم اجتماعهما في مصب واحد في جميع الأوعية، ولأجل ذلك لا يصح أن يقال في حقه: إنه اجتماعي، وإنه يقول بالاجتماع، بل يصح أن يعبر عنه: بأنه امتناعي، أي يقول بعدم لزوم الاجتماع بين الأمر والنهي في جميع المراحل والمنازل، والامتناعي اجتماعي، أي يقول بلزوم اجتماعهما في مصب واحد ومحل فارد، وهو مستحيل ومحال عقلا.
والنزاع الثاني كبروي، لرجوع البحث فيه إلى أنه هل يمكن المحافظة على الإطلاقين، ويجوز صيانة بقائهما على عنوانهما، إذا كانا منطبقين على واحد، أم لا؟
إذا عرفت تلك النكتة فليعلم أن هنا صورتين:
الصورة الأولى: ما إذا لم يكن مندوحة، ولم يكن المكلف في سعة من إتيان المأمور به على وجه الإباحة، وعلى وجه لا يلازم الإثم والتصرف في مال الغير، فإنه في هذه الصورة - حسبما هو المعروف بينهم من انحلال الخطابات الشرعية إلى الخطابات الجزئية الشخصية (2) - لا يعقل المحافظة عليهما، فإنه من التكليف بالمحال الملازم للتكليف المحال، ضرورة أن القدرة على امتثال كل من الأمر والنهي شرط، وإذا كانت هي مفقودة فلا يعقل ترشحهما معا.
مثلا: إذا كان العبد من أول الوقت إلى آخر الوقت، غير قادر على إتيان