الانسان باق، ونوع كذا غير باق " فافهم واغتنم.
ثالثها: لنا أن نقول: إن مفاد النهي هو الزجر أو طلب العدم، ولكن هنا حكم عقلائي آخر، وهو أن المولى يريد إبقاء العدم الأزلي الثابت للطبيعة المجتمع معها، ويتوسل بالنهي إلى استمراره، ويكون طارد العدم المزبور مبغوضا، وهو شرب الخمر وغير ذلك.
وهذا النحو من العدم مقابل صرف الوجود الذي اعتبرناه في ناحية الأمر (1)، وقد فرغنا من تصوير الصرف، والفرق بينه وبين الطبيعة فيما سلف (2)، فما يظهر من العلامة المحشي إشكالا على الصرف وعلى العدم المزبور (3)، غير راجع إلى محصل، فراجع.
وإن شئت قلت: إن الأعدام البديلة المتصورة بكثرتها بعد اعتبار الوجودات الكثيرة للطبيعة مثلا، إذا وجد أفراد من الانسان، فبانعدام كل فرد يكون هناك عدم بديل لذلك الوجود، ولكن الأمر فيما نحن فيه ليس كذلك، لأن الطبيعة المنهي عنها لا مصاديق لها حتى تكون لها أعدام بديلة عند الانعدام، ولا يتصور العدم البديل إلا بعد الوجود خارجا، وأما قبل تحقق الطبيعة فلا كثرة لها حتى تتكثر أعدامها، بل الطبيعة قبل تحققها يعتبر لها العدم الواحد الأزلي المجامع حسب أجزاء الزمان، ويكون ذلك العدم عدم البديل حسب الزمان الحالي، والناهي عن المنكر يريد إبقاء العدم المزبور.
مثلا: النهي عن إيجاد العنقاء بناء على إمكان إيجادها، لا يعقل أن ينحل إلى الأعدام، لأنها أعدام تصورية تخيلية مضافة إلى الأفراد المقدرة، وهي ليست عدم