ومن هنا يظهر: أن ما أفاده المتأخرون من صغروية النزاع، وقرروه بالوجه المزبور، فهو أيضا باطل عاطل، لأن الغصب والصلاة في عالم العنوانية لا يتداخلان بالضرورة، ولا معنى لتداخلهما، وفي الخارج لا يبقى الأمر ولا النهي حتى يتجاوز كل إلى ساحة الآخر كلها، أو إلى جزء منها.
ولأجله عدل الوالد المحقق - مد ظله - عن العنوانين وقال: والأولى أن يقال:
هل يجوز اجتماع الأمر والنهي على عنوانين متصادقين على واحد في الخارج، أم لا؟ فيكون النزاع كبرويا (1).
وأحسن من ذلك أن يقال: هل يجوز أن يتعلق الأمر والنهي بالعنوانين المتصادقين على واحد شخصي في الخارج، أم لا؟.
وبعبارة أوضح: لا شبهة في جواز تعلقهما بالعنوانين غير المتصادقين بالضرورة، كعنوان " الزكاة " و " القمار " وإنما الشبهة في جواز تعلقهما بالعنوانين المتصادقين أحيانا على الواحد ك " الصلاة " و " الغصب " وعدمه، فالتعبير ب " جواز الاجتماع " لا يخلو من مسامحة، لأنه لا يلزم اجتماع الأمر والنهي في مرحلة من المراحل على شئ واحد، ومع تعدد المتعلق لا يعد من اجتماعهما، والأمر سهل بعد ذلك.
أقول: يتوجه إليه - مد ظله - أن مورد النزاع، أعم من كون العنوانين متصادقين على الواحد في الخارج، أم كان الصدق في عالم العناوين والمفاهيم، ضرورة أن الجنس يصدق على النوع من غير لزوم كون المصداق موجودا خارجيا، فعلى هذا كما يكون النزاع في العنوانين المتصادقين على الخارج، كذلك يكون في المتصادقين على الكلي الذي هو دون الطبيعة الواقعة تحت الأمر، والطبيعة الواقعة تحت النهي.