فإن قلنا: بأن مفاد النهي طلب إعدام الطبيعة فالأمر واضح، ولا بد من أن يعدم جميع الأفراد حتى يتحقق مطلوب المولى.
وإن قلنا: بأن مفاده الزجر والمنع على الوجه الذي عرفت منا (1)، فلازمه العقلائي هو استمرار العدم الأزلي السابق عليها، المجتمع معها، وهذا لا يعقل إلا بترك الطبيعة المطلقة، لانتقاضه بإتيان فرد منها، وهو خلاف مفاد النهي قطعا.
وبالجملة: يحصل الفرق بين الأمر والنهي من ناحية كون الطبيعة في جانب النهي، مورد الزجر والإعدام، وبما أنها تكون كذلك فلا بد من إعدام جميع الأفراد حتى يتحقق الامتثال، بخلاف الأمر.
ويتوجه إليه أولا: أن قضية ما تقرر في محله هو أن الطبيعة موجودة بنفسها (2)، وما اشتهر: " من أن معنى وجود الطبيعي بمعنى وجود أشخاصه " (3) غير موافق للتحصيل، فإذا كانت الطبيعة بما هي هي مسلوب عنها الوجود والعدم، والوحدة والكثرة، وكانت العوارض تلحقها لموجبات خارجة عنها، فهي واحدة ومتكثرة، وإذا كانت هي كثيرة في الخارج، ولها الوجودات والأفراد الكثيرة، فلها الأعدام الكثيرة، ضرورة أن نقيض الكثير كثير، ونقيض الواحد واحد، وتلك الأعدام هي الأعدام البديلة عن الموجودات التي تخص بها، فإذن لا أصل لما اشتهر في عرف الأصحاب.
وإن شئت قلت: ما هو موضوع القضية الأولى وهي " الطبيعة توجد بوجود فرد ما " هي المهملة، وهي تنعدم بانعدام فرد ما، وما هو الموضوع في القضية الثانية وهي " الطبيعة تنعدم بانعدام جميع الأفراد " هي الملحوظة سارية على فرض