وإذا كانت مبغوضة على نعت صرف الوجود، فلا بد أيضا من قيام القرينة.
وإذا كانت مبغوضة على وجه يكون البغض ناشئا من فساد فرد ما من الطبيعة، فلا بد من توجيه النهي إلى الفرد وإلى مصداق ما، بخلاف ما إذا كانت المبغوضية ناشئة عن فساد في الطبيعة بما هي هي.
فاذن لا بد من أحد أمرين: إما النهي على سبيل العموم الأفرادي، أو النهي على وجه تعلق بنفس الطبيعة، وحيث إن الأول يحتاج إلى مؤونة زائدة فيثبت الثاني، وهو الأولى بالبلاغة في الكلام والخطاب.
فإذا انزجر عن الطبيعة في مورد، فلا بد من الانزجار عنها في المورد الآخر، لأن المفروض أن الطبيعة مورد البغض والفساد بما هي هي، لا المصداق الأول منها.
وإذا عصى بالنسبة إلى المصداق الأول، فلا بد من الامتثال بعد العصيان للغرض المذكور، فكون الطبيعة بما هي هي مورد الفساد والبغض، ينتج الامتثال ثانيا وثالثا سواء امتثل أولا، أو عصى، فتدبر.
الثاني: أن الاختلاف المشاهد بين الأمر والنهي ليس من ناحية المتعلق، لما أنه واحد: وهي الصلاة قبل أيام الحيض، وفي أيامها، بل إنما ذلك من جهة خصوصية في تعلق الأمر والنهي به، وهذه الخصوصية هي أن المطلوب من الأمر بما أنه إيجاد الطبيعة في الخارج، فلا يمكن أن يريد المولى منه إيجادها بكل ما يمكن أن تنطبق عليه هذه الطبيعة، لفرض عدم تمكن المكلف منه كذلك، والمطلوب من النهي بما أنه حرمان المكلف، فلا يمكن أن يراد منه حرمانه من بعض أفرادها، لفرض أنه حاصل قهرا، والنهي عنه تحصيل للحاصل، فهذه الخصوصية أوجبت أن تكون [قضية] مقدمات الحكمة فيه، هي كون المطلوب حرمان المكلف من جميع الأفراد (1).