إذا تبين ذلك فاعلم: أن في كلا التقريبين نظرا، ولا سيما في الثاني الذي هو للعلامة المعاصر - مد ظله -:
أما الأول: فلأنه في جانب الأمر إذا تعلق الأمر بالطبيعة، واستفدنا منه محبوبيتها بما هي هي، فكل فرد منها - بما هو فرد لها، وتكون الطبيعة معه عين الطبيعة مع الفرد الأول - يكون هو مورد المحبوبية أيضا، فللمولى أن يؤاخذ العبد ب " أنك عندما اطلعت على أن الطبيعة بما هي هي مورد الحب اللزومي، فلم لم توجدها؟! " فلو صح جواب العبد هنا، لصح في جانب النهي أيضا إذا تخلف عن الامتثال ثانيا وثالثا.
ولعمري، إن التقريب الذي أفدناه قابل للاعتماد عليه لحل المشكلة في جانب النهي، ولكن يورث توجيه المعضلة إلى جانب الأمر المفروغ عنه عند الأصحاب - رضوان الله تعالى عليهم -.
وبالجملة: لو كان محبوبه الفرد الأول منها لأقام القرينة، فمنه يعلم أن ما هو المحبوب نفس الطبيعة بما هي هي.
وبالجملة تحصل: أن قضية مقدمات الحكمة في جانب النهي، هو أن الطبيعة تمام الموضوع للنهي، فإذن يعلم: أن الطبيعة من حيث هي هي تمام المبغوض، ولا شئ دخيل في ذلك، ومن كونها تمام الموضوع للبغض يعلم: أن المفسدة الموجبة لبغضها، موجودة في نفسها من حيث هي هي، فعليه لا يعقل الترخيص في بعض أفرادها إلا على وجه يستكشف الخلاف.
وحيث إن المفروض عدم وجود الدليل المرخص، فكيف يعقل تجويز العقل ارتكابها في مورد من الأفراد العرضية أو الطولية؟! ويحتج المولى على العبد: بأنه لو كان المبغوض الفرد الأول، لما أطلق الحكم على الطبيعة، ولو كان الفساد في فرد خاص منها لما كان يتعلق بغضه بها، ولما نهى عنها من حيث هي هي، فمن هذا