جعلت عليه الكفارة عقوبة لكلامه، وبعضهم يزعم أن الكفارة لا تلزمه حتى يحنث في الشئ الذي حلف عليه، فإن حنث وجبت عليه الكفارة، وإلا فلا كفارة عليه، فوقع (عليه السلام) بخطه: لا تجب الكفارة حتى يجب الحنث ".
أقول: أراد (عليه السلام) بالوجوب في قوله " حتى يجب الحنث " معناه اللغوي، أي حتى يحصل الحنث ويثبت منه، وقد عرفت أن الحنث يحصل بإرادة المواقعة، والشيخ حمل هذا الخبر على الظهار المشروط، وجعل حنثه هو تحقق الشرط الذي علق عليه الظهار، والظاهر أنه نظر إلى قوله " حتى يحنث في الشئ الذي حلف عليه " فإنه ظاهر في أن السؤال إنما كان عن الظهار المشروط المقصود به اليمين، إلا أنك قد عرفت أنه لا يصح على أصولنا وإنما يصح على أصول العامة، أو لعله (عليه السلام) أجمل في الجواب لذلك.
وبذلك يظهر أنه لا وجه لما حمل عليه الشيخ الخبر من الظهار المشروط، وأنه متى لم يحصل الشرط لم تجب عليه الكفارة، لأن ظاهر الخبر المذكور بالنظر إلى قوله " يحنث في الشئ الذي حلف عليه " لا يلائم ما ذكره بناء على التقريب الذي ذكرناه، ومع قطع النظر عن ذكر الحلف أو تأويله بوجه على خلاف ظاهره، فإن الخبر ظاهر فيما دلت عليه الأخبار السابقة من تحقق الحنث بمجرد إرادة المواقعة، فلا ضرورة إلى الحمل إلى الظهار المشروط.
بقي هنا شئ وهو أنه قد روى الكافي (1) عن زرارة " قال: قلت: لأبي جعفر (عليهما السلام): إني ظاهرت من أم ولدي ثم وقعت عليها ثم كفرت فقال: هكذا يصنع الرجل الفقيه إذا واقع كفر ".