احتج الشيخ بأن من يصح ظهاره تصح الكفارة منه لقوله عز وجل " والذين يظاهرن من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة " (1) والكافر لا يصح منه الكفارة لأنها عبادة تفتقر إلى النية (2) كسائر العبادات، وإذا لم يصح منه التكفير الرافع للتحريم لم يصح التحريم في حقه.
وأجيب بمنع عدم صحتها منه مطلقا، بلا غاية توقفها على شرط، وهو قادر عليه بالاسلام كتكليف المسلم بالصلاة المتوقفة على شرط الطهارة وهو غير متطهر لكنه قادر على تحصيله.
وأورد على ذلك أن الذمي مقر على دينه متى قام بشرائط الذمة، فحمله على الاسلام لذلك بعيد، وأن الخطاب بالعبادة البدنية لا يتوجه على الكافر الأصلي.
وأجيب بأنا لا نحمل الذمي على الاسلام، ولا نخاطبه بالصوم، ولكن نقول:
لا يمكن من الوطئ إلا هكذا، فإما أن يتركه أو يسلك طريق الحمل.
أقول: ما ذكروه في هذا المقام من النقض والابرام ظاهر بناء على ما هو المشهور بينهم بل ربما ادعي عليه الاجماع من كافة العلماء ما عدا أبي حنيفة من أن الكافر مخاطب بالفروع ومكلف بها، إلا أنها لا تقبل منه إلا بالاسلام.
وأما على ما ذهب إليه بعض المحدثين من متأخري المتأخرين، وهو الظاهر من أخبارهم (عليهم السلام) كما تقدم تحقيق البحث فيه في كتاب الطهارة في باب غسل الجنابة (3) من أن الكافر غير مكلف ولا مخاطب بالأحكام الشرعية إلا بعد الاسلام فإنه يتجه أن يقال بصحة ما ذهب إليه الشيخ هنا من عدم صحة الكفارة من صوم أو عتق أو إطعام من الكافر لأنه غير مكلف بالعبادات حال كفره والصحة عبارة عن امتثال الأمر، وهو كما عرفت غير مأمور إلا بعد الايمان بالله ورسوله،