ونحو هذين الخبرين ما رواه الشيخ في التهذيب (1) عن وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) " أن عليا (عليه السلام) سئل عن المتوفى عنها زوجها إذا بلغها ذلك وقد انقضت عدتها، فالحداد يجب عليها؟ فقال علي (عليه السلام): إذا لم يبلغها حتى تنقضي عدتها فقد ذهب ذلك كله وتنكح من أحبت ".
ومما يؤكد القول المشهور ورود التعليل بالحداد، وأنه واجب عليها كما تقدم، وأنه إنما كانت عدتها من يوم بلوغ الخبر لذلك والخبر المعلل باصطلاحهم مقدم في العمل به، فالقول بسقوط الحداد الثابت إجماعا بين كافة أهل العلم نصا وفتوى بهذه الأخبار الثلاثة مع المعارضة بما تقدم مما هو أكثر عددا وأصح سندا مشكل غاية الاشكال مع تأيد تلك الأخبار بالاحتياط الذي هو أحد المرجحات الشرعية في مقام تعارض الأخبار، كما دلت عليه مرفوعة زرارة.
ومنها ما ذهب إليه الشيخ في التهذيب، وهو أن المتوفى عنها تعتد من يوم وفاة الزوج وإن كانت قريبة كيوم أو يومين أو ثلاثة، وإلا فمن يوم بلغها الخبر.
واستدل عليه بما رواه في الصحيح عن منصور (2) " قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول في المرأة يموت زوجها أو يطلقها وهو غائب، قال: إن كانت مسيرة أيام فمن يوم يموت زوجها تعتد، وإن كان من بعد فمن يوم يأتيها الخبر لأنها لا بد أن تحد له ".
والأظهر عندي ارتكاب التأويل في هذا الخبر وإن بعد بحمل مسيرة الأيام على الأيام القليلة التي يمكن فيها وصول الخبر عاجلا، وتصير حينئذ في حكم التي في البلد المعتدة من يوم الوفاة. لأنه لا فرق بينهما إلا تأخر وصول الخبر فيما دلت عليه الرواية يوما أو يومين عن يوم الوفاة، وهذا في حكم الوفاة في البلد كما