حيث عده في الطلقات الثلاث المحرمة، فإذا طلقها بعد هذه الرجعة قبل المسيس لزمها استئناف العدة لأنها بالرجعة عادت إلى النكاح الذي مسها فيه، فالطلاق الثاني طلاق في نكاح وجد فيه المسيس سواء كان الثاني بائنا أم رجعيا لاشتراكهما المقتضي للعدة، وهو كونه طلاقا عن نكاح وجد فيه الوطئ، وفي معنى الطلاق البائن الخلع.
وفي هذا الأخير قول للشيخ في المبسوط بعدم العدة للخلع بناء على أن الطلاق بطل إيجابه العدة بالرجعة، ولم يمسها في النكاح المستحدث، والحل المستحدث وهو ما بعد الرجعة، فأشبه ما إذا أبانها ثم جدد نكاحها وطلقها.
ورد بأن الرجعة إنما أبطلت العدة المسببة عن الطلاق بسبب عود الفراش السابق، وهو مقتض لصيرورتها مدخولا بها، وخلع المدخول بها يوجب العدة، ولم يتجدد نكاح آخر لم يمسها فيه، وإنما عاد النكاح الممسوس فيه، بخلاف ما إذا أبانها ثم جدد نكاحها لارتفاع حكم النكاح الأول بالبينونة، والنكاح بعده غير الأول، وإذا طلقها بعده فقد وقع بغير مدخول بها في ذلك النكاح.
هذا كله إذا كان الطلاق الأول رجعيا، أما لو كان بائنا كما إذا خالع زوجته المدخول بها ثم تزوجها في العدة ثم طلقها قبل الدخول فإنه لا يلزمها منه العدة لأن العقد الثاني لم يعد الفراش الأول، وإنما أحدث فراشا آخر، والعدة الأولى بطلت بالفراش المتجدد ولم يحصل فيه دخول، فإذا طلقها حينئذ فقد صدق أنها مطلقة عن نكاح غير مدخول بها فيه، فيدخل تحت عموم قوله تعالى " ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها " (1).
وقيل: يلزم العدة، وهو منقول عن القاضي ابن البراج في المهذب محتجا بأنها لم تكمل العدة الأولى وقد انقطعت بالفراش الثاني فتجب العود إليها بعد الطلاق. قالوا: وضعفه واضح مما بيناه. هذا خلاصة ما ذكروه في هذا المقام،